مع بداية حركة الهجرة من الريف إلى المدينة في تركيا في الخمسينات من القرن الماضي بدأت تتشكل في المدن أحياء وأزقة عشوائية متضاربة ما جعل هذه الأحياء عرضة لخسائر مادية وبشرية جسيمة أثناء الأفات الطبيعية كالزلازل والفيضانات. كما أنّ مظاهر هذه الأحياء القديمة الغير متناسقة لا تتناسب مع التطور الحاصل في تركيا في جميع الجوانب الحياة، لاسيما في البنية التحتية التي تشهد قفزة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، مما دفعت الحكومة بالتفكير بشكل جدي لإيجاد حلول فعلية لهذه الأحياء والأزقة العشوائية الغير مناسبة للعيش، والتي تشكل عبئاً كبيراً على كاهل الحكومة في حالات الأفات طبيعة.
من أجل التخلص من هذه الأحياء العشوائية ظهر مفهوم التحول الحضري في الرأي العام التركي. في الواقع هذا المفهوم كان يشغل الرأي العام منذ ثمانينات القرن الماضي، لكن لم يتم اتخاذ إجراءات فعلية واسعة النطاق للقضاء على هذه البقع السكنية. ومع التطور الاقتصادي والاجتماعي والثقافي وارتفاع مستوى المعيشة ورفاهية المواطنين بدأت الحكومة باتخاذ قرارات من أجل إعادة تحويل هذه الأحياء والأزقة والأبنية القديمة وإنشاء بدلاً عنها أحياء وأبنية حديثة عصرية مقاومة للزلازل. وصدر في هذا المجال قانون المرقم 6306 مما فتح الباب لعمليات تحول حضري واسعة في البلاد تشمل جميع المدن التركية ومن ضمنها مدينة أنطاليا التي تشهد اليوم أكبر عملية للتحول الحضري في البلاد.
بعد الفحص والتدقيق تم تحديد 3 مناطق وحوالي 7 ألاف بناء داخل مدينة أنطاليا يلزم خضوعها لعمليات التحول الحضري. وكان من أهم المناطق المشمولة في برنامج التحول الحضري مركز كبيز الواقعة في منطقة كبيز شمال مركز المدينة، حيث كانت هذه المنطقة العشوائية تعرقل نمو المدينة السليم باتجاه الشمال مما يزيد الضغط السكاني على مركز المدينة.
إنّ مدينة أنطاليا التي كانت ترتكز في اقتصادها على الزراعة حتى ثمانينيات القرن الماضي أخذت بعد هذا التاريخ تنشط في مجال السياحة والصناعة، مما دفع إلى زيادة الهجرة من المدن التركية الأخرى إليها للإستفادة من فرص العمل التي خلقها قطاع السياحة والصناعة. حيث أرتفع عدد سكان المدينة من حوالي 259 ألف نسمة عام 1980 إلى حوالي 714 ألف نسمة عام 2000، واليوم تعداد مركز مدينة أنطاليا أرتفع إلى 7 أضعاف تقريباً عما كانت عليه عام 1980. ومع الهجرة الكثيفة والزيادة في عدد السكان بدأت تظهر المناطق العشوائية الغير سليمة، لاسيّما في الأقسام الشمالية لمركز المدينة، ومع مرور الزمن بدأت هذه المناطق بالتوسع وأخذت تشكل حاجزاً تمنع النمو السليم للمدينة باتجاه الشمال. ومن أجل تلبية الاحتياجات المتزايدة على العقار كان لابد من التوسع بشكل سليم نحو الشمال لذا كان يلزم إزالة هذه البقع العشوائية وتحويلها إلى أحياء حديثة متلائمة مع نمو المدينة. وفي عام 2014 تم ضم منطقة مركز كبيز ضمن برنامج تحول حضري واسع في مشروع يستهدف إنشاء 19 ألف وحدة سكنية على أنقاض الأحياء العشوائية وفق ثلاث مراحل مازال العمل مستمر فيها. إضافة إلى ذلك كان قد تم إدراج الألاف من الأبنية القديمة المنتشرة في المدينة ضمن مشاريع التحول الحضري وتم تجديد قسم كبير من هذه الأبنية.
مازالت عمليات التحول الحضري مستمرة بأقصى سرعتها تزيل الأبنية والأحياء القديمة وتبني بدلاً عنها أبنية عصرية حديثة وأحياء ومجمعات حديثة ضمن نظام المدن الذكية. مادفع المراقبون إلى التأكيد بأنّ هذا التحول سوف يغير من شكل مدينة أنطاليا خلال الفترة المقبلة مما يزيد من رغبة المستثمرين والراغبين في شراء عقار في أنطاليا ورفع قيمة المدينة العقارية والاقتصادية خلال السنوات القليلة المقبلة.
مقالات ذات صلة
المشاريع المميزة
تصنيف المعلومات
ابحث عن معلومة